مدرس الفلسفة الحديثة والمعاصرة قسم الفلسفة- کلية الآداب - جامعة بورسعيد
المستخلص
نالت فکرة الزمن قدراً کبيراً من اهتمام الفکر الوجودي؛ فالوجودية لم تنظر إلى الزمن کمفهوم نظري مرتبط بالنظريات العلمية التي تفسر الزمن ، ولا بناء علي الخلفيات الفلسفية السابقة للتراث الفلسفي، ولکنهاأضافت بعداَ ذاتياً ووجدانياً لظاهرة الوعي بالزمن؛ إذ نظرت إلي الزمن باعتباره "جوهر الماهية" أي أن الزمن هو المجال الذي يصنع فيه الإنسان ماهيته،کما ربطت الوجودية بين الزمن وفکرة الحرية ،واتخاذ القرار؛ فما يختاره الإنسان في الحاضر قائم علي الماضي ،ويؤثر في المستقبل. وقد ظهرت هذه الأفکار بوضوح في کتابات رائد الفکر الوجودي "سورين کيرکجور"(1813_1855) ،إذ رأى أن الوجود الإنساني مرکباً من الزمانية والأبدية synthesis of temporal and eternal" a " ؛ فالوجود الإنساني في أساسه "وجود في الزمن "، ولکنه ليس وجوداً زمانياً خالصاً مثل الحيوانات ،ولکنه وجوداً يعيش في الزمان ويتعلق بالأبدية التي تتمثل في إيجاد علاقة بين الإله الأبدي ، والإنسان باعتباره الکائن الزماني، ويتحقق الوجود الإنساني في اللحظة"Instantالتي ينجح فيها الإنسان في القبض علي الأبدية داخل الزمان. ومن جانب آخر يقدم "نيتشه" (1844 - 1900) تصور جديد لمفهوم الزمن وعلاقته بالوجود الإنساني من خلال دعوته إلي إحياء فکرة "العود الأبدي" ، ففکرة العود تنصب أساساً علي حالة الوجود الفردية وإبداعها في اللحظة"، ففکرة أن الزمن يعيد نفسه دورياً ، وان الإنسان يعيش حياته مراراً وتکراراً تمنح الفرد مسؤوليةهائلة؛ ،فکأن لسان حاله "نيتشه" يقول: "اخلق لنفسک لحظات متعددة بقدر الإمکان بحيث تريد أن تحيا مرات ومرات في الأبدية" ، فاللحظة عند "نيتشه" تتشکل فيها أبدية الماضي وأبدية المستقبل.
ونحن من خلال هذا البحث سوف نقوم بمحاولة لقراءة وتفسير فکرة "اللحظة" في فکر "کيرکجور"و"نيتشه" ، ذلک للإجابة علي التساؤلات التالية:_
Ü س1:_ کيف قدم "کيرکجور" و"نيتشه" تصورهما عن الوجودي الإنساني في علاقته بالزمن ؟
Ü س2:_ ما تفسير "کيرکجور" و"نيتشه" لفکرة الأبدية ،وهل اثر العامل الديني في تفسير هذه الفکرة؟
Ü س3:_ ما أهم خصائص هيرمينويطيقا"اللحظة" عند "کيرکجور" و "نيتشه"؟ وسوف نحاول الإجابة علي هذه التساؤلات باستخدام المنهج التحليلي النقدي المقارن.
مشاهدة على SCiNiTO
بداية الصفحة