الزمن في الفن التشکلي المعاصر – سلفادور دالى نموذجا

المؤلف

دکتو ا ره في فلسفة الجمال ومساعد للتعليم العالي بالمعهد العالي للفنون والحرف بالمهدية (تونس)

المستخلص

يُعد البحث في اشکالية الزمن من ضمن المعضلات التي رافقت الانسان منذ وجوده الأول، و اعتباره  مسألة وجودية، تجسدت في أشکال لامتناه ية، متعددة الأوجه و الصيغ و الدلالات، من أجل فک رموز الکينونة و ادراک معناها  فلسفيا و دينيا علميا و فنيا.
و بما أن الممارسة الابداعية ممارسة تسعى الى رسم الکينونة في أبعادها المختلفة، فإنها قد شکلت تجسّدا  فعليا لزمان الکينونة و الکينونة الزمان، باعتبار الممارسة الفنية في حد ذاتها تُحدد من خلال مسار انشائي عنه  يتحدد الاثر الفني و يکون.
و على تعدد التيارات الفنيّة و اختلافها فان الفنان المبدع هو الذي  يٌصارع الزمان يُحاوره من أجل افتکاک لحظة الوجود من خلال الألوان و الاشکال و الرموز اعتمادا على المخيلة، و تعد السريالية من ضمن المسارات التى جاهدت الزمان و امتحنته و اختبرته و عانت منه لتعيش معه لحظة الوجود الصراعية. تکشف لوحة " اصرار الذاکرة "* عن طبيعة الصراع الوجودي بين الانسان و الزمان، من خلال تجسيد سريالي للزمن اعتمادا على تشکيل مخصوص للساعات، باعتبارها ما بشرطة يتحدد الزمان في العالم المعاصر و من خلاله تُخزن الذاکرة.
يتمثل التشکيل المخصوص لزمن في تلک الساعات الرخوة، تبدو و کأنها في حالة ذوبان و انحلال و حلول، وهو تشکيل رمزي الغاية منه کشف خفايا الزمن الوجودية التي عنها کون اشکالا وجوديا صايرة الانسان منذ وجوده الأول.
تبدو اللوحة و کأنها تجمع لأربعة ساعات رخوة في أشکال مختلفة و في اطار تشکيلي مخصوص للمکان: ساعات رخوة في الصحراء، دون وجود للبشر، وهو  ما يثير جملة من الاستفهامات  من أجل فک رموز اللوحة، مع الاشارة أنه لا يمکن تحليل اللوحة و فهمها إلا من خلال الرجوع لمبادئ السريالية و علاقتها بـعلم النفس الفرويدي بما في ذلک التلقائية و الالية و الحلم  و  نظرية انشتاين  حول   النسبية،   حيث أصبحت کل القيم الانسانية مجال مساءلة         

الموضوعات الرئيسية