أستاذ الفلسفة الحدیثة والمعاصرة وعنلم الجمال وأستاذ کرسي الفلسفة للیونسکو والعمید الأسبق لکلیة الآداب جامعة الزقازیق
المستخلص
المفارقة أو کما تترجم بالإنجليزية Paradoxهي شکل من أشکال التناقض الظاهري، لذلک لا ينبغي أن نخلط بين المفارقة والتناقض، والمفارقة ليست مسألة نظرية فحسب، بل هي مسألة تتم عبر الممارسة، فنحن نمارس المفارقات في حياتنا اليومية ليل نهار سواء في علاقتنا مع أنفسنا أو في علاقتها بالآخرين، أو حتى في علاقتنا مع الأشياء، ومع الطبيعة وتمثل المفارقة واحدة من أهم التقنيات الفکرية التي يستخدمها الأدباء والشعراء والفلاسفة، بل والعلماء. وفرويد من المفکرين الکبار الذين صاغوا تاريخ وثقافة الإنسان الحديث وساهموا في صناعة الحداثة بمفهومها الغربي ويصعب أن نتحدث عنه کعالم فقط، ولکنه العالم الفيلسوف، أعني أن لديه رؤية فلسفية متماسکة للعالم وللوجود. وتلعب المفارقة دور البطولة في التحليل النفسي الفرويدي، فهناک مفارقة الشعور واللاشعور، وهناک مفارقة غرائز الحياة وغرائز الموت، وهناک مفارقة السادية والماسوشية، ومفارقة الحب والکراهية، ومفارقة الحلم والواقع، ومفارقة الکبت والحضارة، ومفارقة السلطة الأبوية والسلطة الدينية، هذه المفارقات وغيرها هي التي تشکل عصب نظرية التحليل النفسي الفرويدي. وهذه الدراسة هي محاولة للوقوف على طبيعة المفارقة السيکولوجية وتجلياتها المختلفة في نظرية التحليل النفسي الفرويدي، ومحاولة الإجابة عن هذا السؤال: إلى أي حد استطاع فرويد أن يوظف المفارقة في فهم طبيعة النفس البشرية، والکشف عن کافة أغوارها السحيقة وأسرارها الغامضة وتناقضاتها المربکة والمحيرة؟